أهمية العقيدة للفرد والمجتمع
تعد العقيدة ركنًا أساسيًا مهمًا في حياة البشرية ، سواءً على مستوى الأفراد ، أو المجتمعات والدول ، فلقد خلق الله تعالى الإنسان وركز في فطرته معرفة الله وتوحيده ، إنها فطرة الله التي فطر الله الناس عليها ، والقرآن الكريم والسنة النبوية صريحة في إثبات ذلك ، ومن النصوص قوله تعالى : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
وفي آية الميثاق يصرح - جل وعلا - بهذه الفطرة ، وإقرار الناس وشهادتهم على أنفسهم بأن الله ربهم ، يقول تعالى : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ
وجاءت الأحاديث النبوية مفسرة لهذه الآية مؤكدة لمعناها .
ومن الأحاديث الصريحة في أن الله فطر البشرية كلها على معرفته وتوحيده تعالى قوله صلى الله عليه وسلم : كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء .
والمقصود بفطرية معرفة الله وتوحيده أن يكون الإنسان مخلوقًا خلقةً تقتضي معرفة الله وتوحيده مع انتفاء الموانع الصارفة عن ذلك ، بحيث لا يحتاج الإنسان في ذلك إلى النظر والاستدلال .
ومهما انحرف الإنسان عن الاعتقاد الصحيح فإنه لا يمكن أن يتجرد عن عقيدة مهما كانت تلك العقيدة ، فحاجته إلى العقيدة الدينية حاجة ثابتة لا تنقطع لأنها أمر فطري في حياته نشأت معه منذ ولادته ، يقول معجم ( لاروس ) للقرن العشرين : (( إن الغريزة الدينية : مشتركة بين كل الأجناس البشرية حتى أشدها همجية وأقربها إلى الحياة الحيوانية . وإن الاهتمام بالمعنى الإلهي وبما فوق الطبيعة هو إحدى النزعات العالمية الخالدة للإنسانية " . ويقول : إن هذه الغريزة الدينية (( لا تخفى ، بل لا تضعف ولا تذبل ، إلا في فترات الإسراف في الحضارة وعند عدد قليل جدًا من الأفراد )) .